ما أعد الله لأهل الجنة
لقد أعدَّ الله لعباده في الجنة كما قال: {ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر} وما جعل الله هذا النعيم إلا لأناس ذكر صفاتهم في كتابه وعلى لسان نبيه، وقد أعطى الله لأدنى أهل الجنة منزلاً أكثر من ملك الدنيا بعشر مرات؛ فكيف بمن هم في أعالي الدرجات؟! ولكن هل من مشمر لها.
حال أهل الجنة في الجنة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
يا عباد الله: اتقوا الله عزَّ وجل ولا تغتروا بما في هذه الحياة الدنيا من الزخارف البراقة والسراب اللامع، فإن كل هذه الحياة الدنيا وما فيها مآلها للزوال والخراب؛ ولكن استعدوا لدار لا يخرب بنيانها، ولا يهرم شبانها، ولا تبلى ثيابهم، ولا ينقطع نعيمها، واسمعوا إلى المولى جلَّ وعلا وهو يحثكم إليها في القرآن العظيم، ويقول: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَـاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ [آل عمران:133-136].
ويقال لأهل الجنة: ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ * وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ * لا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ [الحجر:46-48].
ويُقال لأهل الجنة: يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ [الزخرف:68] مَن هُم الذين يقال لهم هذا يا عباد الله؟ يقال للذين آمنوا بآيات الله وكانوا مسلمين، اسمعوا وصفهم: الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ * ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ * يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ [الزخرف:69-73].
ثم هم في مقام أمين من الحوادث وغيرها، في أمان من تغير الزمان وتقلبات الحياة، في جنات وعيون، ولهم فيها من اللباس: السندس، والإستبرق، متنعمين مع الزوجات من الحور العين، الراضيات المرضيات، الطاهرات من الحيض والنفاس، النظيفات من البصاق والمخاط، اسمعوا يا عباد الله! إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ [الدخان:51] يا ألله نسألك من فضلك، الله أكبر! يا عباد الله! أين النفوس التي تشتاق إلى هذا؟ نفوسنا في غفلة، قلوبنا ميتة إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ * فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ * كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ * يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ * لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * فَضْلاً مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [الدخان:51-57].
عباد الله: بادروا إلى الجنة وما أعد الله فيها لعباده الصالحين، يقول رسول الـهدى صلى الله عليه وسـلم: {قال الله تعالى: أعددتُ لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، واقرءوا إن شئتم فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُـرَّةِ أَعْـيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [السجدة:17] }.
ولكن قبل هذه الآية، آيات تبين أعمالهم، يقول جلَّ وعلا: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ [السجدة:16] ماذا يعملون يا رب العالمين؟ يلعبون البَلُوْت والكِنْكَان؟ يغيرون من فيلم إلى فيلم، ومن تمثيلية إلى تمثيلية؟ فإذا جاء وعد الله الذي لا يخلف وعده, وجاء النـزول الإلهي إذا هم كالجيف الميتة في فُرشهم، الآن بعضهم إلى الآن في فراشه بعد سهرة الليل، وتمر عليهم صلاة الفجر، والظهر، والعصر وهو نائم فإنا لله وإنا إليه راجعون.
تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ هؤلاء عباد الله، تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ ماذا يعملون؟ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ [السجدة:16] الفرق شاسع وبعيد، فهؤلاء تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً، خائفين من الله، طامعين لما عند الله، ونحن نسهر ليلة الجمعة وليلة الخميس.
ليلة الخميس: الليلة التي تُعْرض فيها الأعمال على الله، وإذا بفلان وعلان يلعبون القمار والميسر، البَلُوْت والكِنْكَان، ويتشاتمون فيما بينهم، هذا يشتم والدَي هذا، وذاك يشتم والدَي الآخر، إنا لله وإنا إليه راجعون، تُعرَض الأعمال على الله، وهم يمارسون تلك اللعب.
وليلة الجمعة: التي تقوم فيها الساعة المستجابة، يمارسون فيها تلك الألعاب، فإذا جاءت أوقات الفضائل، فإذا هم كالجيف والعياذ بالله قال تعالى: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [السجدة:16-17] اللهم اجعلنا منهم، يا عباد الله! نسأل الله أن يجعلنا منهم.......
صفات أهل الجنة
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: {أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر، ثم الذين يلونهم على أشدِّ كوكب دري في السماء ضوءه، لا يبولون، ولا يتغوطون، ولا يتفلون، ولا يمتخطون، أمشاطهم الذهب، ورشحهم المسك، ومجامرهم الأَلُوَّة، أزواجهم الحور العين } لا إله إلا الله! نسأل الله من فضله، نسأل الله أن يقوي عزائمنا وهممنا لنقضي حياتنا بالأعمال الصالحة ، يقول: {أزواجهم الحور العين، على خلق رجل واحد، على صورة أبيهم آدم، ستون ذراعاً في السماء } متفق عليه، وفي رواية لـمسلم : {آنيتهم فيها الذهب، ورشحهم فيها المسك، ولكل واحد منهم زوجتان، يُرى مخ ساقيهما من وراء اللحم من الحُسن، لا اختلاف بينهم ولا تباغض، قلوبهم على قلب رجل واحد، يسبحون الله بكرة وعشيا }.
عباد الله: لقد جاء الخبر الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نبي الله موسى عليه السـلام سأل الله عزَّ وجلَّ: {ما أدنى أهل الجنة منـزلة؟ } موسى يسأل الله: ما أدنى أهل الجنة منـزلة؟ {يقول الله جلَّ وعلا: هو رجل يجيء بعدما أُدخل أهلُ الجنة الجنة، فيُقال له: ادخل الجنة، فيقول: أيا رب، كيف وقد نزل الناس منازلهم، فيقال له: أترضى أن يكون لك مثل مُلْك مَلِك من ملوك الدنيا، فيقول: رضيتُ ربي، فيقول: لك ذلك، ومثله، ومثله، ومثله, ومثله -أربع مرات- ويقول في الخامسة: رضيتُ ربِّ، فيقول: هذا لك، وعشرة أمثاله، ولك ما اشتهت نفسُك، ولذت عينك، فيقول: رضيتُ ربِّ، قال موسى عليه السلام: ربِّ، فأعلاهم منـزلة؟ قال الله جلَّ وعلا: أولئك الذين غرستُ كرامتهم بيدي، وختمتُ عليها، ولم ترَ عينٌ، ولم تسمع أذنٌ، ولم يخطر على قلب بشر } حديث صحيح رواه الإمام مسلم .
وجعل الله عزَّ وجلَّ زوجات أهل الجنة عُرُباً أتراباً، والعُرُب: هي المرأة المتوددة إلى زوجها باللطافة، ولين الكلام، ومع ذلك فهن على سن واحد، ولا تباغض ولا تحاسد في الجنة، ففيها ما تشتهيه الأنفس، وتلذ الأعيُن، وفوق ذلك: أنهم فيها خالدون؛ لا يبغون عنها حولاً، ولا هم منها مُخرجون، ينادي منادٍ: {إن لكم أن تصِحُّوا فلا تسقموا أبداً، وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبداً، وإن لكم أن تشِبُّوا فلا تهرموا أبداً }.
وفوق ذلك يا عباد الله: أن الله أحل عليهم رضوانه، فلا يسخط عليهم أبداً، وفوق ذلك كله: ما يحصل لهم من التلذذ برؤية رب العالمين إذا كشف الحجاب الذي بينه وبينهم، فهم يرونه عياناً بأبصارهم، كما أخبر بذلك الصادق المصدوق رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: {إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر، فإن استطعتم -اسمعوا يا عباد الله- ألا تُغْلَبوا على صلاة قبل طلوع الشمس، وصلاة قبل غروبها فافعلوا } ما هما هاتان الصلاتان، هما: صلاة الصبح، وصلاة العصر.
عباد الله: إن سألتم عن أهل هذه الجنات، وساكني تلك الغرفات، فهم الذين وصفهم الله في كتابه الكريم -نسأل الله أن يجعلنا منهم- قال تعالى: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [المؤمنون:1-11].
اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل، اللهم بارك لنا في القرآن العظيم، وانفعنا بما صرفت فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم.......
من نعيم أهل الجنة
الحمد لله الذي صرف هِمَّة أوليائه عن الركون إلى دار الغرور، فاغتموا بقاءهم في الدنيا بالأعمال الصالحة.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أهل الفضل والكرامات، وسلِّم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
فيا أيها الناس: اتقوا الله عزَّ وجلَّ وتقربوا إلى المولى بفعل الطاعات؛ تنالوا عنده رفيع الدرجات، فقد سمعتم في وصف الجنة ما لذَّ وطاب، وقد ورد في الحديث المتفق على صحته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: {إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم، كما تتراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق أو المغرب، لتفاضل ما بينهم قالوا: يا رسول الله، تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم، قال صلى الله عليه وسلم: بلى والذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين } أيها المسلمون! رجالٌ آمنوا بالله وصدقوا المرسلين، من هم هؤلاء الرجال؟ أهم الذين أنشبوا أنيابهم في الدنيا، وانجرفوا في سيلها المغرق؟!
أم هم الذين يبيعون دينهم بعَرَضٍ من الدنيا قليل؟!
أم هم الذين يخدعون ويغشون في المعاملات؟
أم هم الذين عاشوا على انتهاك الحُرُمات، واقتراف الكبائر، مثل أكل الربا، وارتكاب الزنا، واللواط، وشرب الخمور، واللعب بالقمار والميسر؟!
كلا والله يا عباد الله! إنهم رجالٌ آمنوا بالله وصدقوا المرسلين، وحُق لهم أن يسمَّوا رجالاً؛ لأنهم بخلاف المجرمين العُصاة المنحرفين، الذين يجرون أذيالهم وراء الشهوات، ويبيعون آخرتهم بدنياهم، حتى يوافوا القيامة بالإفلاس والخيبة والخسران، والعياذ بالله من ذلك.
أين أولئك مِن الذين لم تغرهم الدنيا بزخارفها البَرَّاقة، ولم تخدعهم بسرابها؟
أين أولئك الذين أشبعوا رغباتهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، فهو يقول: {ما لي وللدنيا، إنما مثلي ومثل الدنيا كراكب استظل تحت شجرة ثم قام وتركها } أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
فهذا {عمر رضي الله عنه يدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويرى الحصير قد أثر بجنبه الشريف، فيقول وهو يبكي رضي الله عنه: يا رسول الله، الروم وفارس يجلسون على الحرير والديباج وأنت على هذا؟! ثم يرد صلى الله عليه وسلم بالرد المقنع الجميل: إنها لهم في الدنيا، ولنا في الآخرة، أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا } أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
فأين الاقتداء يا أمة الإسلام؟! أين الاقتداء يا عباد الله؟! لقد جرفت المدنية الزائفة الكثير، حتى ألجأهم الأمر إلى ارتكاب الديون، فيأتون بالفُرش والأثاث من بلاد بعيدة، كل ذلك يعود على التفاخر والتكاثر، والانهماك في الترف الذي هو السبب في نسيان الآخرة، ونسيان يوم القيامة.
عباد الله: {الكيِّس: مَن دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والعاجز: مَن أتبعَ نفسَه هواها، وتمنَّى على الله الأماني }.
اللهم ردنا إليك رداً جميلاً، اللهم أيقظنا مِن سِنَةِ الغفلة.
عباد الله! إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ [الأحزاب:56] ثم يأمرك المولى جلَّ وعلا فيقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56].
ويقول صلى الله عليه وسلم: {من صلى عليَّ صلاة صلى الله عليه بها عشراً }.
اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد.
وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين: أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وعن سائر أصحاب رسولك أجمعين، وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يا رب العالمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أذل الشرك والمشركين، اللهم دمر أعداء الدين، وانصر عبادك الموحدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً سخاءً رخاءً يا رب العالمين، وسائر بلاد المسلمين عامة.
اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمور المسلمين أجمعين في مشارق الأرض ومغاربها.
اللهم ارفع عنا البلاء، والوباء، والغلاء، والربا، والأمراض والأسقام، وعن جميع المسلمين أجمعين يا رب العالمين.
اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم اسقنا سقيا رحمة، لا سقيا عذاب، ولا هدم، ولا بلاء، ولا غرق، رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الأعراف:23]. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة:201].
عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا [النحل:90-91].
واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على وافر نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.......