الأضاحي عن رسول الله
ما جاء في الأضحية عن الميت
حدثنا محمد بن عبيد المحاربي الكوفي حدثنا شريك عن أبي الحسناء عن الحكم عن حنش عن علي
أنه كان يضحي بكبشين أحدهما عن النبي صلى الله عليه وسلم والآخر عن نفسه فقيل له فقال أمرني به يعني النبي صلى الله عليه وسلم فلا أدعه أبدا
قال أبو عيسى هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث شريك وقد رخص بعض أهل العلم أن يضحى عن الميت ولم ير بعضهم أن يضحى عنه و قال عبد الله بن المبارك أحب إلي أن يتصدق عنه ولا يضحى عنه وإن ضحى فلا يأكل منها شيئا ويتصدق بها كلها قال محمد قال علي بن المديني وقد رواه غير شريك قلت له أ بو الحسناء ما اسمه فلم يعرفه قال مسلم اسمه الحسن
تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي
قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا شَرِيكٌ )
هُوَ اِبْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّخَعِيُّ الْكُوفِيُّ
( عَنْ أَبِي الْحَسْنَاءِ )
, قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ : أَبُو الْحَسْنَاءِ عَنْ الْحَكَمِ وَعَنْهُ شَرِيكٌ اِسْمُهُ الْحَسَنُ أَوْ الْحُسَيْنُ اِنْتَهَى . وَقَالَ فِي الْمِيزَانِ حَدَّثَ عَنْهُ شَرِيكٌ لَا يُعْرَفُ لَهُ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ اِنْتَهَى . وَقَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ مَجْهُولٌ اِنْتَهَى .
( عَنْ الْحَكَمِ )
هُوَ اِبْنُ عُتَيْبَةَ ثِقَةٌ ثَبْتٌ
( عَنْ حَنَشٍ )
قَالَ الْقَارِي بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالنُّونِ الْمَفْتُوحَةِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ : هُوَ اِبْنُ عَبْدِ اللَّهِ السِّبَائِيُّ , قِيلَ إِنَّهُ كَانَ مَعَ عَلِيٍّ بِالْكُوفَةِ وَقَدِمَ مِصْرَ بَعْدَ قَتْلِ عَلِيٍّ اِنْتَهَى . قُلْتُ : حَنَشٌ هَذَا لَيْسَ اِبْنَ عَبْدِ اللَّهِ السَّبَئِيَّ بَلْ هُوَ حَنَشٌ بْنُ الْمُعْتَمِرِ الْكِنَانِيُّ أَبُو الْمُعْتَمِرِ الْكُوفِيُّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُنْذِرِيُّ .
قَوْلُهُ : ( أَنَّهُ كَانَ يُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ أَحَدُهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْآخَرُ عَنْ نَفْسِهِ )
وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : رَأَيْت عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ , فَقُلْتُ لَهُ مَا هَذَا فَقَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْصَانِي أَنْ أُضَحِّيَ عَنْهُ , فَأَنَا أُضَحِّي عَنْهُ . وَفِي رِوَايَةٍ صَحَّحَهَا الْحَاكِمُ عَلَى مَا فِي الْمِرْقَاةِ أَنَّهُ كَانَ يُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِكَبْشَيْنِ عَنْ نَفْسِهِ , وَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَمَرَنِي أَنْ أُضَحِّيَ عَنْهُ أَبَدًا , فَأَنَا أُضَحِّي عَنْهُ أَبَدًا . فَرِوَايَةُ الْحَاكِمِ هَذِهِ مُخَالِفَةٌ لِرِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ . وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنْ يُقَالَ إِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ عَلِيًّا وَأَوْصَاهُ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِكَبْشٍ أَوْ بِكَبْشَيْنِ : فَعَلِيٌّ قَدْ يُضَحِّي عَنْهُ وَعَنْ نَفْسِهِ بِكَبْشٍ كَبْشٍ , وَقَدْ يُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ كَبْشَيْنِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
( أَمَرَنِي بِهِ يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا أَدَعُهُ )
بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ لَا أَتْرُكُهُ .
قَوْلُهُ : ( هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ شَرِيكٍ )
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : حَنَشٌ هُوَ أَبُو الْمُعْتَمِرِ الْكِنَانِيُّ الصَّنْعَانِيُّ وَتَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ , وَقَالَ اِبْنُ حِبَّانَ الْبُسْتِيُّ : وَكَانَ كَثِيرَ الْوَهْمِ فِي الْأَخْبَارِ يَنْفَرِدُ عَنْ عَلِيٍّ بِأَشْيَاءَ لَا يُشْبِهُ حَدِيثَ الثِّقَاتِ حَتَّى صَارَ مِمَّنْ لَا يُحْتَجُّ بِهِ . وَشَرِيكٌ هُوَ اِبْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَاضِي فِيهِ مَقَالٌ , وَقَدْ أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ فِي الْمُتَابَعَاتِ اِنْتَهَى . قُلْتُ : وَأَبُو الْحَسْنَاءِ شَيْخُ عَبْدِ اللَّهِ مَجْهُولٌ كَمَا عَرَفْت , فَالْحَدِيثُ ضَعِيفٌ .
قَوْلُهُ : ( وَقَدْ رَخَّصَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يُضَحَّى عَنْ الْمَيِّتِ وَلَمْ يَرَ بَعْضُهُمْ أَنْ يُضَحَّى عَنْهُ )
أَيْ عَنْ الْمَيِّتِ , وَاسْتَدَلَّ مَنْ رَخَّصَ بِحَدِيثِ الْبَابِ لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ
( وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ : أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَنْهُ وَلَا يُضَحَّى عَنْهُ وَإِنْ ضَحَّى فَلَا يَأْكُلْ مِنْهَا شَيْئًا وَيَتَصَدَّقْ بِهَا كُلِّهَا )
. وَكَذَلِكَ حَكَى الْإِمَامُ الْبَغَوِيُّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ عَنْ اِبْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ فِي غُنْيَةِ الْأَلْمَعِيِّ مَا مُحَصَّلُهُ : إِنَّ قَوْلَ مَنْ رَخَّصَ فِي التَّضْحِيَةِ عَنْ الْمَيِّتِ مُطَابِقٌ لِلْأَدِلَّةِ وَلَا دَلِيلَ لِمَنْ مَنَعَهَا , وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُضَحِّي كَبْشَيْنِ أَحَدُهُمَا عَنْ أُمَّتِهِ مِمَّنْ شَهِدَ لَهُ بِالتَّوْحِيدِ وَشَهِدَ لَهُ بِالْبَلَاغِ وَالْآخَرُ عَنْ نَفْسِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ , وَمَعْلُومٌ أَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ قَدْ كَانُوا مَاتُوا فِي عَهْدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَدَخَلَ فِي أُضْحِيَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَحْيَاءُ وَالْأَمْوَاتُ كُلُّهُمْ . وَالْكَبْشُ الْوَاحِدُ الَّذِي يُضَحِّي بِهِ عَنْ أُمَّتِهِ كَمَا كَانَ لِلْأَحْيَاءِ مِنْ أُمَّتِهِ , كَذَلِكَ كَانَ لِلْأَمْوَاتِ مِنْ أُمَّتِهِ بِلَا تَفْرِقَةٍ . وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَصَدَّقُ بِذَلِكَ الْكَبْشِ كُلِّهِ وَلَا يَأْكُلْ مِنْهُ شَيْئًا بَلْ قَالَ أَبُو رَافِعٍ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُطْعِمُهُمَا جَمِيعًا الْمَسَاكِينَ وَيَأْكُلُ هُوَ وَأَهْلُهُ مِنْهُمَا , رَوَاهُ أَحْمَدُ . وَكَانَ دَأْبُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يَأْكُلُ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ هُوَ وَأَهْلُهُ وَيُطْعِمُ مِنْهَا الْمَسَاكِينَ وَأَمَرَ بِذَلِكَ أُمَّتَهُ , وَلَمْ يُحْفَظْ عَنْهُ خِلَافُهُ . فَإِذَا ضَحَّى الرَّجُلُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ بَعْضِ أَمْوَاتِهِ أَوْ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ أَهْلِهِ وَعَنْ بَعْضِ أَمْوَاتِهِ , فَيَجُوزُ أَنْ يَأْكُلَ هُوَ وَأَهْلُهُ مِنْ تِلْكَ الْأُضْحِيَّةِ , وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا كُلِّهَا . نَعَمْ أَنْ تُخَصَّ الْأُضْحِيَّةُ لِلْأَمْوَاتِ مِنْ دُونِ شَرِكَةِ الْأَحْيَاءِ فِيهَا فَهِيَ حَقٌّ لِلْمَسَاكِينِ كَمَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ اِنْتَهَى مَا فِي غُنْيَةِ الْأَلْمَعِيِّ مُحَصَّلًا . قُلْتُ : لَمْ أَجِدْ فِي التَّضْحِيَةِ عَنْ الْمَيِّتِ مُنْفَرِدًا حَدِيثًا مَرْفُوعًا صَحِيحًا . وَأَمَّا حَدِيثُ عَلِيٍّ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْبَابِ فَضَعِيفٌ كَمَا عَرَفْت . فَإِذَا ضَحَّى الرَّجُلُ عَنْ الْمَيِّتِ مُنْفَرِدًا فَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا كُلِّهَا وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .
ما لا يجوز من الأضاحى
حدثنا علي بن حجر أخبرنا جرير بن حازم عن محمد بن إسحق عن يزيد بن أبي حبيب عن سليمان بن عبد الرحمن عن عبيد بن فيروز عن البراء بن عازب رفعه
قال لا يضحى بالعرجاء بين ظلعها ولا بالعوراء بين عورها ولا بالمريضة بين مرضها ولا بالعجفاء التي لا تنقي
حدثنا هناد حدثنا ابن أبي زائدة أخبرنا شعبة عن سليمان بن عبد الرحمن عن عبيد بن فيروز عن البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه بمعناه قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح لا نعرفه إلا من حديث عبيد بن فيروز عن البراء والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم
تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي
قَوْلُهُ : ( عَنْ عُبَيْدِ بْنِ فَيْرُوزَ )
بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ , وَعُبَيْدٌ بِالتَّصْغِيرِ ثِقَةٌ مِنْ الثَّالِثَةِ
( رَفَعَهُ )
أَيْ رَوَاهُ مَرْفُوعًا
( قَالَ لَا يُضَحَّى بِالْعَرْجَاءِ بَيِّنٌ ظَلْعُهَا )
بِفَتْحِ الظَّاءِ وَسُكُونِ اللَّامِ , وَيُفْتَحُ أَيْ عَرَجُهَا , وَهُوَ أَنْ يَمْنَعَهَا الْمَشْيُ
( بَيِّنٌ عَوَرُهَا )
بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ عَمَاهَا فِي عَيْنٍ وَاحِدَةٍ وَبِالْأَوْلَى فِي الْعَيْنَيْنِ
( وَلَا بِالْمَرِيضَةِ بَيِّنٌ مَرَضُهَا )
وَهِيَ الَّتِي لَا تُعْتَلَفُ قَالَهُ الْقَارِي
( وَلَا بِالْعَجْفَاءِ )
أَيْ الْمَهْزُولَةِ
( الَّتِي لَا تُنَقَّى )
مِنْ الْإِنْقَاءِ أَيْ الَّتِي لَا نِقْيَ لَهَا بِكَسْرِ النُّونِ وَإِسْكَانِ الْقَافِ وَهُوَ الْمُخُّ . قَالَ التُّورْبَشْتِيُّ هِيَ الْمَهْزُولَةُ الَّتِي لَا نِقْيَ لِعِظَامِهَا , يَعْنِي لَا مُخَّ لَهَا مِنْ الْعَجَفِ , يُقَالُ : أَنْقَتْ النَّاقَةُ , أَيْ صَارَ فِيهَا نَقِيٌّ , أَيْ سَمِنَتْ وَوَقَعَ فِي عِظَامِهَا الْمُخُّ .
قَوْلُهُ : ( نَحْوَهُ بِمَعْنَاهُ )
يَعْنِي نَحْوَ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ بِمَعْنَاهُ لَا بِلَفْظِهِ , وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ أَوْ مِنْ هَذَا الطَّرِيقِ , أَعْنِي مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ فَيْرُوزَ عَنْ الْبَرَاءِ بِلَفْظِ : قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصَابِعِي أَقْصَرُ مِنْ أَصَابِعِهِ وَأَنَامِلِي أَقْصَرُ مِنْ أَنَامِلِهِ : " لَا تَجُوزُ فِي الْأَضَاحِيِّ الْعَوْرَاءُ بَيِّنٌ عَوَرُهَا وَالْمَرِيضَةُ بَيِّنٌ مَرَضُهَا وَالْعَرْجَاءُ بَيِّنٌ ظَلْعُهَا وَالْكَسِيرُ الَّتِي لَا تُنْقَى " .
قَوْلُهُ : ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ )
وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَسَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُدَ وَالْمُنْذِرِيُّ .
قَوْلُهُ : ( وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ )
قَالَ النَّوَوِيُّ : وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْعُيُوبَ الْأَرْبَعَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ لَا تُجْزِئُ التَّضْحِيَةُ بِهَا , وَكَذَا مَا كَانَ فِي مَعْنَاهَا أَوْ أَقْبَحُ مِنْهَا كَالْعَمَى وَقَطْعِ الرِّجْلِ وَشِبْهِهِ اِنْتَهَى .
المصدر :
www.hadith.al-islam.com